جميع الكائنات الحية متعددة الخلايا مستعمرة من قبل عدد كبير لا يمكن تصوره من الكائنات الحية الدقيقة وتطورت معها منذ بداية حياة المتعددة الخلايا.
يعتبر الميكروبيوم الطبيعي ، أي مجموع هذه البكتيريا والفيروسات والفطريات التي تعيش في الجسم وعلى جسمه ، ذا أهمية أساسيةللكائن الحي بأكمله: فهو يدعم ، على سبيل المثال ، امتصاص العناصر الغذائية أو يقاوم مسببات الأمراض. من ناحية أخرى ، كان يُنظرإلى التطور الفردي للكائن الحي على أنه عملية محددة وراثيًا بحتًا ومستقلة عن العوامل الخارجية. ومع ذلك ، فقد أصبح من الواضح لبعضالوقت الآن أن العمليات التنموية لا تتم بشكل مستقل أيضًا.
طورت معظم الكائنات الحية استراتيجيات للتعرف على التغيرات في بيئتها وتكييف نموها الفردي وبالتالي أيضًا شكل الجسم الناتج معالظروف السائدة. ولكن كيف يتم التحكم في ما يسمى بمرونة النمط الظاهري phenotypic plasticity وكيف يتم التعرف على العواملالبيئية بما في ذلك التأثيرات الميكروبية ودمجها في برامج التنمية الوراثية.
قام العلماء في جامعة كيل وجامعة هاينريش هاينه في دوسلدورف (HHU) الآن بالتحقيق في مبادئ النمط الظاهري في كائنالهيدرا(يعيش في المياه العذبة ويبلغ طوله ٢-٢٠مم ) لاحظوا كيف تؤثر درجة الحرارة على ووجود بعض البكتيريا المستعمرة على التطورالفردي للكائنات المجوفة.
تمكن الباحثون من تحديد اثنين من الجينات المحددة من Hydra وإثبات مشاركتهم في احداث مسار إشارات مركزي للنمو ، والذي يتحكممعًا في استجابة هذا الكائن للإشارات من بيئته.
-يتفاعل هيدرا مباشرة مع التأثيرات البيئية
استخدم فريق البحث بقيادة البروفيسور سيباستيان فراون سليلة المياه العذبة هيدرا . اذ يعتبر الحيوان اللعابي مناسبًا بشكل خاصلدراسات علم الأحياء التطوري ، حتى لو كان حيوانًا بالغًا ، فإنه يستمر في إظهار الخصائص الجنينية مثل القدرة التجديدية غير المحدودة. يمكن أن تتجدد أجزاء الجسم مثل المجسات في أي وقت.
يوضح فراون: "الزوائد اللحمية لا تتقدم في العمر ، وبرامجها الجينية للتحكم في التطور تعمل بشكل دائم". "هذا يعني أن الحيوان البالغيمكنه أيضًا أن يتفاعل مع العوامل الخارجية المتغيرة في أي وقت ويكيف شكل جسمه وفقًا لذلك ؛
في ظل هذه الظروف ، درس الباحثون في كيفية تغير النشاط الجيني للحيوان اعتمادًا على الظروف البيئية. وتمكنوا من تحديد جينينأطلقوا عليهما اسم "Eco1" و "Eco2" بسبب استجابتهم للظروف البيئية. كلا الجينين مقيدان تصنيفياً مما يعني أنهما موجودان فقط فيالهيدرا.
قام فريق البحث بتعريض الحيوانات لدرجات حرارة تتراوح بين 12 و 18 درجة مئوية ووجدوا أنه في ظل الظروف الباردة ، تم تنشيط كلاالجينين بقوة. في المقابل أدت الإزالة الاصطناعية (للاستعمار البكتيري الطبيعي للحيوانات ) إلى نشاط أقل بكثير لكلا الجينين.
بعد أن حدد الباحثون الجينات المرتبطة بالتأثير البيئي ، قاموا بالتحقيق في تأثيرات المتغيرين على شكل جسم الحيوانات: تميل الحيواناتالمعقمة إلى تكوين المزيد من المجسات. ومع ذلك ، أدت درجة الحرارة المحيطة المنخفضة إلى تكوين عدد أقل من المجسات. يتم التحكم فيهذه التكيفات المظهرية ، من بين أمور أخرى ، من خلال عملية بيولوجية تطورية محددة ، ما يسمى بمسار إشارات Wnt.
يوضح فراون: "في المملكة الحيوانية ، ظهرت هذه الإشارات في وقت مبكر من التطور ، وهي تتشارك أيضًا - في البشر - في العملياتالتنموية مثل تنظيم الخلايا الجذعية". يقول المؤلف الأول الدكتور جان توبنهايم ، الباحث في مجموعة فراون: "من خلال إيقاف تشغيلالجينات البيئية إيكو 1 وإيكو 2 تجريبيًا ، تمكنا من إثبات أنها قادرة على قمع إشارات Wnt في الهيدرا". لذلك فإن العوامل الخارجية مثلدرجة الحرارة أو عدم وجود الميكروبيوم الطبيعي لها تأثير مباشر على التنظيم الجيني لبرنامج النمو الفردي وبالتالي على تكوين شكلالجسم في الكائنات المجهرية.
-الجينات الخاصة بالأنواع تحول التأثيرات البيئية
وبالتالي يمكن إرجاع تأثيرات مرونة النمط الظاهري إلى الجينات الخاصة بالهيدرا التي تنظم التكيف مع التأثيرات الخارجية في هذاالكائن الحي. تقدم الدراسة بالتالي مثالاً على أهمية هذه المعلومات الجينية ، والمعروفة أيضًا باسم "الجينات اليتيمة orphan genes" بسبب نقص الجينات المتماثلة في الأنواع الأخرى.
تسمح هذه الجينات سريعة التطور للكائنات الحية المختلفة بالتكيف مع مصادر الطاقة الجديدة أو البيئات
على سبيل المثال. يوضح المؤلف المشارك الأستاذ توماس بوش من جامعة كيل "يكشف عملنا الآن عن آليات نموذجية تكمن وراء هذاالاعتراف بالعوامل الخارجية. وبهذه الطريقة ، تمكنا من إثبات العمليات الداخلية التي تؤدي في النهاية إلى التكيف مع البرنامج التطوريللكائن الحي استجابة لبيئتها "
إعداد وترجمة : pharmacist mahmoud Thawabeah
Comments